الصناعة النفطية في العراق التحديات والآفاق

يحتوي العراق على 11% من الثروة النفطية في العالم بامتلاكه 145 مليار برميل نفطي بحسب التقديرات الرسمية المسجلة، ويحتلّ المرتبة الثالثة في العالم بعد العربية السعودية وإيران فيما يمتلكه من الثروة النفطية. وهو ثالث أكبر مصدِّر للنفط في العالم ويمتلك موارد تؤهله لزيادة إنتاجه من النفط والغاز. وعلى الرغم من ذلك لم يتمكن العراق حتى الآن من الاضطلاع بدوره في السوق العالمي ومنظمة الأوبك بما يتناسب وثروته النفطية ومتطلبات التنمية الداخلية، ولم ينعكس ذلك على تحسين ظروفه الاقتصادية داخلياً نتيجة لسوء إدارة هذه الثروة طوال العقود المنصرمة.
عاش العراق إبان حكم البعث تجربة فريدة في المجال الاقتصادي بعامة والمجال النفطي على نحو خاص. ففي عقد السبعينات من القرن الماضي أنجزت بعض السياسات الإيجابية فيما يتعلق بالاستثمار في الصناعة النفطية في العراق، فأدّى ذلك إلى زيادة انتاج النفط وتصديره وارتفاع العائدات النفطية، وانعكس هذا على الوضع الاقتصادي، فنمى نصيب الفرد من الدخل القومي مقتربا من مثيله في البلدان الفطية الاخرى، ولكن ما قيمة هذا التقدم والرخاء اذا كان الحاكم يمسك بيده السلطة والثروة والشعب يعيش الاغتراب في بلده، وشهد العقدان التاليان، وبسبب السياسات الهوجاء وغير المدروسة لصدام وخوضه حربين متتاليتين وما تلاهما من العقوبات الاقتصادية، إخفاقاً كبيراً في الصناعة النفطية للعراق، الأمر الذي أخرج البلد عن دائرة الدول المصدّرة للنفط. وأكمل اجهاض الصناعة النفطية في العراق على اثر إثر هجوم الولايات المتّحدة الأمريكية على العراق عام 2003 فلم تشهد صناعة النفط أي سعي من أجل الحفاظ عليها وتوفير الحماية لها.
وبعد سقوط نظام صدام وعلى الرغم من الأضرار الكبيرة التي لحقت بالصناعات النفطية العراقية نتيجة للسياسات السابقة، إلا أنها بدأت تدخل مرحلة جديدة. وأخذ العراق الجديد يسعى من خلال تحسين صناعته النفطية وتطويرها. إلى رفع انتاجه وزيادة ايراداته من بيع النفط ليستعيد دوره في الأسواق العالمية ويؤكد حضوره القوي في منظمة الأوبك ويدعم اقتصاده المترنح أصلا بارث ثقيل من العقوبات والسياسات غير الرشيدة وفقدان الامن. ومن بين الأهداف التي وضعتها الحكومة العراقية رفع مستوى الإنتاج إلى 12 مليون برميل يومياً حتى عام 2017، وهذا يمكن أن يجعل العراق منافساً للملكة العربية السعودية في إنتاج النفط وعنصرا فاعلا في الأسواق العالمية للنفط الخام.
مشكلة البحث
يواجه العراق في إطار تطوير صناعته النفطية تحدّيات مختلفة فيما يتعلق بالبنية التحتية المدمرة وتدني مستويات الاستثمار وعدم توفر التكنولوجيا الضرورية. وعلى الرغم من ذلك تشهد هذه الصناعة تحسّناً ملحوظاً بفضل السياسات الجديدة القائمة على اجتذاب الاستثمار الاجنبي بعد عقود من عدم السماح للمستثمرين الاجانب بالدخول في هذا الميدان، وتبعاً لهذا يمكن أن يؤدي ذلك الى نتائج إيجابية.
ان الصناعة النفطية العراقية تواجه ظروفاً وتحديات كبيرة، ومن بينها الموقع الجديد للصناعة النفطية في إطار منظومة الحقوق الأساسية والقانونية للمجموعات والمناطق، والسياسات النفطية الجديدة التي تتبناها البلدان المنتجة والمستهلكة، والاتفاقيات النفطية الجديدة، وكل ذلك يأتي في إطار التوجّه الجديد نحو اقتصاد السوق في العراق. كما تعد كيفية توزيع المصادر والموارد النفطية والاكتشافات الجديدة والبرامج الانتاجية والتصفية والتصدير وغيرها من القضايا الراهنة في المجال النفطي للعراق كلها مسائل خلافية يدور حولها جدل كبير ومتصاعد. فضلا عن ذلك فإنّ موقع العراق في سوق النفط العالمي في المستقبل وتنافسه مع البلدان المنتجة للنفط، من المسائل المهمّة الأخرى التي تحظى بأولوية كبرى في البحوث والدراسات ذات الصلة.
أهمية البحث
· أهمية موقع الصناعة النفطية في العراق، والايرادات النفطية في الاقتصاد العام والمسار الاقتصادي والاجتماعي للعراق.
· أهمية الصناعة النفطية وتأثيرها وخاصة كيفية توزيع العوائد النفطية على الساحة السياسية والأمنية في العراق.
· ضرورة التعرّف على الظروف والقضايا الجديدة في صناعة النفط العراقية، والأطر الحقوقية والسياسات النفطية للبلد.
· ضرورة استشراف أفق الصناعة النفطية العراقية وتأثيرها على المستوى الإقليمي والعالمي.
أهداف البحث
· الرؤية الفاحصة لظروف الصناعة النفطية والسياسات النفطية العراقية ومساراتها في المراحل المنصرمة.
· تحليل المعطيات فيما يتعلق بمختلف الظروف والقضايا الجديدة المرتبطة بصناعة النفط العراقية، من قبيل: الاحتياطيات ، والإنتاج، والتصدير، والمعاهدات وغيرها.
· دراسة السياسات النفطية الجديدة في العراق، وإدراك موقع البلد في أسواق النفط العالمية، وكذلك وضع سياسة اللاعبين الأجانب في هذا المضمار.
· استشراف أفق الصناعة النفطية العراقية في السنوات المقبلة، والسياسات والمشاريع المنشودة للدولة.
· تقويم تأثيرات النفط والعائدات النفطية الاقتصادي والسياسي والأمني في العراق.
أسئلة البحث
السؤال الرئيس
· ما هي أهمّ مكوّنات الصناعة النفطية في العراق في ظلّ الظروف الراهنة، وما هو تأثير عناصر هذه الصناعة في الظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية لهذا البلد؟
الأسئلة الفرعية
· ما هي أهمّ المشكلات التي تعاني منها صناعة النفط العراقي في المراحل السابقة، وما هي تبعات تلك المشكلات على الظروف الراهنة للبلد؟
· ما هي أهم المتغيّرات في عناصر الصناعة النفطية وظروفها في العراق بعد سقوط نظام صدام بالمقارنة إلى حقبة حكم البعث؟
· ما هي أهمّ خصائص وتبعات السياسة النفطية العراقية بعد سقوط نظام صدام؟
· ما هو مستقبل صناعة النفط العراقي وموقع هذه الصناعة في الأسواق النفطية العالمية؟
· كيف سيكون دور المنظمات الدولية وبخاصة الأوبك في تحديد صورة هذا المستقبل؟
منهج البحث
إنّ المنهج المتبع في هذه الدراسة يقوم على الطريقة الاستقرائية. بمعنى الوصول إلى النتائج العامة انطلاقاً من المعلومات والمعطيات الجزئية. والأسلوب المتّبع هو أسلوب الوصفي التحليلي. وفيما يتعلق بمستقبل نفط العراق سيتمّ اعتماد منهج الاستشراف المستقبلي. وإنّ أسلوب جمع المعلومات مزيج من النهج المكتبي والإنترنيتي ومحاورة الخبراء والمعنيين.
هيكلية البحث
تمّ تنظيم هذا البحث في أربعة فصول على النحو الآتي: الفصل الأول يشتمل على الصناعة النفطية والسياسة النفطية في العراق في مرحلة حكم البعث. والفصل الثاني يخوض في عناصر وظروف الصناعة النفطية العراقية بعد سقوط نظام صدام. والفصل الثالث يختص بالسياسات النفطية للعراق وموقعها الإقليمي والدولي. وأما الفصل الرابع والأخير فسوف يرسم التحدّيات والآفاق ومستقبل الصناعة النفطية في العراق.