إشكالية الدور التنموي لصناديق الثـروة السيادية مع اشارة خاصة الى إمكانية انشاء صندوق سيادي في العراق

منذ 4 سنوات
3457

إشكالية الدور التنموي لصناديق الثـروة السيادية مع اشارة خاصة الى إمكانية انشاء صندوق سيادي في العراق

 

 

د. حسن لطيف كاظم                  د. عاطف لافي مرزوك    

د. حيدر نعمه بخيت

 

 

المقدمة

أصبحت صناديق الثروة السيادية لاعباً مهماً في النظام المالي العالمي، فهي تتحكم بأصول مالية ضخمة، وتملك استثمارات هائلة تعد بأن تؤدي دوراً تنموياً مهماً في البلدان النامية، سواء تلك التي تمتلكها هذه الدول، أو حتى في الدول التي تتطلع للاستثمار فيها اذا ما انتهجت سياسة استثمارية أكثر انفتاحا على البلدان النامية.

مع ذلك فإنّ مراجعة اعمال هذه الصناديق وتوزيع استثماراتها تؤشر حقيقة أنها قد تكون بعيدة نسبيا لدى بعض البلدان عن ادراج الهم التنموي بين أهدافها، فضلاً عن أنّها اميل الى التركيز على البلدان المتقدمة حيث البيئة أكثر ملائمة لنشاطاتها المالية والعقارية وبخاصة ما يرتبط بوجود اسواق مالية متطورة وقادرة على استيعاب تدفقات الاموال التي تمتلكها. وفيما يتصل بالصناديق العربية التي تعد بين الاكبر عالمياً، فإنها تحذو حذو مثيلاتها، فضلا عن أنها تبتعد عن السعي الى تحقيق التكامل الاقتصادي العربي والاستفادة من المزايا المتوفرة في الاقتصادات العربية التي يمكن أن تكون أرضا خصبة لاستثماراتها.

وتكشف تجربة العراق أنّه يمكن أن يشكل تأسيس صندوق سيادي أداةً مهمةً في تحقيق عدد من الاهداف القصيرة والطويلة الاجل، لعل أهمها فرض الاستقرار المالي، وتقليص ميل الحكومة للهيمنة على الموارد المالية المتأتية من النفط، فضلاً عن تنويع الاقتصاد وتقليص اعتماده على النفط بوصفه مورداً ناضباً.

يكتسب البحث أهميته من حداثة موضوعة صناديق الثروة السيادية، ومن مناقشة الاشكاليات التنموية التي ترافق نشاطاتها الحالية، ومن كونه محاولة للمساهمة في الجدل حول امكانية تأسيس صندوق سيادي في العراق من أجل وقف عملية تبديد موارده وتحقيق مستوى قبول من الاستدامة المالية. في اطار السيناريوهات التي رسمها البحث لموارد الصندوق السيادي حتى عام 2020.

ينطلق البحث من فرضية مفادها: أنّ صناديق الثروة السيادية يمكن أن تكون داعمة للتنمية الاقتصادية اذا ما اتجهت إستثماراتها الى البلدان النامية في المجالات الداعمة لعمليتي النمو والتنمية المستدامة. غير أن واقع الحال يؤشر عدم تركيز هذه الصناديق على تحقيق التنمية سواء في البلدان المالكة لها، أو في البلدان النامية المضيفة لاستثماراتها.

وانطلاقا من فرضية البحث يهدف البحث الى:

  • التعرف على مفهوم صناديق الثروة السيادية وأنواعها.
  • رصد اتجاهات تطور الصناديق وموقعها في الاقتصاد العالمي.
  • التعرف على الاشكاليات التي تعترض ايجاد دور تنموي فاعل لها سواء في البلدان المالكة لها أو في البلدان المضيفة لاستثماراتها.
  • مناقشة مقترحات انشاء صندوق سيادي للعراق التي برزت بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 والتعرف على الحجج النظرية والعملية التي تبرر اهمية انشاء مثل هذا الصندوق.

 

أولاً: مفهوم صناديق الثروة السيادية

صناديق الثروة السيادية هي آلية أو أداة ينشئها بلد لديه فائض مالي ناتج عن فائض العمليات في ميزان المدفوعات، أو بسبب ارتفاع الايرادات العامة بهدف ادخار هذا الفائض أو استثماره داخلياً أو خارجياً، سواء في الاسواق المالية العالمية أو البنوك والمؤسسات المالية([1]).

بينما تعرف وزارة الخزانة الامريكية صناديق الثروة السيادية على أنّها: «آلية استثمار حكومية تمول من خلال اصول مالية أجنبية، وتدار هذه الاصول على نحو مستقل عن الاحتياطيات الرسمية للسلطات النقدية (البنك المركزي)»([2]).

وبحسب صندوق النقد الدولي هي: «صناديق استثمار تمتلكها الحكومات، وتشمل الاستثمار في الاصول المالية الاجنبية». أما مجموعة العمل الدولية لصناديق الثروة السيادية فقد قدمت تعريفاً أكثر دقةً لصناديق الثروة السيادية، عندما عرفتها بأنّها «صناديق استثمار أو ترتيبات ذات أغراض محددة تملكها الحكومة العامة. وتنشئ الحكومة العامة صناديق الثروة السيادية لأغراض اقتصادية كلية، وهي تحتفظ بالأصول أو تتولى توظيفها أو ادارتها لتحقيق أهداف مالية». ويستبعد: اصول احتياطيات النقد الاجنبي التي تحتفظ بها السلطات النقدية للأغراض التقليدية المتعلقة بميزان المدفوعات أو السياسة النقدية، والمؤسسات التقليدية المملوكة للدولة وصناديق التقاعد لموظفي الحكومة والقطاع العام والأصول التي تدار لصالح الافراد([3]).

وبهذا المعنى يمكن أن نعرفها بأنها كيانات تدير مدخرات البلد لأغراض الاستثمار، وتضم موجوداتها موجودات مالية متنوعة (مثل الاسهم والسندات والحقوق)، وتتراكم لديها الاموال في صورة ودائع من العملات الاجنبية (وبخاصة الدولار واليورو والين) فضلاً عن الذهب وحقوق السحب الخاصة فضلاً عن المركز الاحتياطي للدولة لدى صندوق النقد الدولي والذي تتولى ادارته في العادة البنوك المركزية جنباً الى جنب مع موجودات أخرى مثل صناديق التقاعد أو المعادن والنفط. لذا فقد وجدت الصناديق السيادية على – وفق التعريفات آنفة الذكر- مما يمتلكه البلد من احتياطيات فائضة تستخدم لأغراض متعددة فضلا عن أن مصادر تمويله متعددة.

تقسم صناديق الثروة السيادية على تقسيمات عدة([4]):

  1. بحسب مجال عملها على صناديق محلية وأخرى دولية، إذ يتركز نشاط الاولى داخل البلد ومنها صندوق ضبط الموارد الجزائري وصندوق الاستقرار الروسي. أما الثانية فإن نشاطها يمتد الى خارج البلد كما هو حال أغلب الصناديق السيادية.
  2. بحسب مواردها الى صناديق نفطية عندما تكون مواردها متأتية أساسا من النفط والغاز، وأخرى غير نفطية.
  3. على وفق وظيفتها على صناديق ادخارية وأخرى استثمارية.
  4. على وفق لدرجة استقلاليتها على صناديق سيادية حكومية وصناديق سيادية مستقلة نسبياً، إذ تتمتع بالاستقلالية النسبية عن الحكومة وتخضع لرقابة ومساءلة السلطة التشريعية والرأي العام.
  5. أما صندوق النقد الدولي فقد أدرج في أدبياته خمسة أنواع هي: صناديق استقرار المالية العامة، صناديق مدخرات الاجيال، مؤسسات استثمار الاحتياطيات، صناديق التنمية، وأخيرا صناديق طوارئ احتياطيات التقاعد غير المقترنة بالتزامات تقاعدية صريحة في الموازنة العامة للدولة([5]).

 

ثانيا: الصناديق السيادية: الحجم والتطور

رغم أنّ اصطلاح صناديق الثروة السيادية قد سُكَ مؤخراً، وشاع في التداول الأكاديمي منذ عام 2007، إلا أنّ تجربتها تعود الى منتصف القرن السابق، اذ يمكن عد صندوق احتياطي الاجيال الكويتي الذي تأسس عام 1953 أول صندوق سيادي في العالم، وكان الهدف منه استثمار عائدات النفط وتقليل الاعتماد عليه.  وفي عام 1953 أسست جزيرة جيلبرت التي كانت تابعة لبريطانيا (اسمها حالياً جمهورية Kiribati) صندوقها السيادي الناتج عن تصدير الفوسفات. وفي عام 1958 تم تأسيس مكتب الاستثمار الائتماني في ولاية نيومكسيكو.

إنّ انتشار تجربة صناديق الثروة السيادية حول العالم، وطبقا لتقديرات حديثة فإن هناك 58 صندوقا سياديا في العالم تمتلك الولايات المتحدة 6 منها والصين 5 والإمارات العربية المتحدة 4 صناديق وصندوقين في كل من: شيلي والسعودية وسنغافورة. فيما يبلغ اجمالي أصولها حوالي 5120.5 مليار دولار([6]).

وجدير بالذكر أنّ البلدان العربية تدير أكبر الصناديق السيادية اذ يعد جهاز أبو ظبي للاستثمار أكبر صندوق سيادي في العالم بإجمالي اصول وصلت في عام 2012 الى حوالي 627 مليار دولار تشكل حوالي 13% من إجمالي اصول أكبر 35 صندوق سيادي في العالم. وتمتلك سبع دول عربية، خمس منها خليجية حوالي 35% من اجمالي اصول تلك الصناديق البالغة حوالي 4968 مليار دولار طبقاً لبيانات عام 2012. (ينظر الجدول التالي)

 

 

 

جدول (1): صناديق الثروة السيادية الكبيرة (2012)

اسم الصندوق البلد تاريخ

التأسيس

مصدر التمويل الاصول

(مليار دولار)

جهاز أبو ظبي للاستثمار الامارات العربية المتحدة 1976 نفطي 627.0
صندوق التقاعد الحكومي العالمي النرويج 1990 نفطي 611.0
شركة SAFE للاستثمار الصين 1997 غير سلعي 567.9
ساما الخارجية القابضة السعودية نفطي 532.8
شركة الاستثمارات الصينية الصين 2007 غير سلعي 439.6
هيئة الاستثمار الكويتية الكويت 1953 نفطي 296.0
هيئة هونغ كونغ للاستثمار المالي والنقدي هونغ كونغ- الصين 1993 غير سلعي 293.3
شركة الاستثمار الحكومية السنغافورية سنغافورة 1981 غير سلعي (فائض التجارة) 247.5
حصص تيماساك سنغافورة 1974 غير سلعي (شركات مرتبطة بالحكومة) 157.2
صندوق الثروة الوطني روسيا 2008 نفطي 149.7
صندوق الضمان الاجتماعي الصين 2000 غير سلعي (فائض التجارة) 134.5
هيئة قطر للاستثمار قطر 2005 نفطي 100.0
صندوق المستقبل الاسترالي استراليا 2006 غير سلعي 80.0
شركة دبي للاستثمار الامارات- دبي 2006 نفطي 70.0
هيئة الاستثمار الليبية ليبيا 2006 نفطي 65.0
صندوق النفط الوطني كازخستان 2000 نفطي 58.2
شركة الاستثمار النفطي الدولية الامارات- ابو ظبي 1984 نفطي 58.0
صندوق ضبط الموارد الجزائر 2000 نفطي 56.7
شركة مبادلة للتنمية الامارات- ابو ظبي 2002 نفطي 48.2
شركة الاستثمار الكورية كوريا الجنوبية 2005 غير سلعي (فائض التجارة) 43.0
صندوق ألاسكا الدائم الولايات المتحدة 1976 نفطي 40.3
الخزانة الوطنية ماليزيا 1993 غير سلعي (شركات مرتبطة بالحكومة) 36.8
صندوق الدولة للنفط اذربيجان 1999 نفطي 30.2
صندوق التقاعد الاحتياطي الوطني ايرلندا 2001 غير سلعي 30.0
وكالة بروناي للاستثمار بروناي 1983 نفطي 30.0
صندوق الاستثمار الاستراتيجي فرنسا 2008 غير سلعي 28.0
صندوق تكساس المدرسي الدائم الولايات المتحدة 1854 نفط وغيره 24.4
صندوق استقرار النفط ايران 1999 نفطي 23.0
صندوق التقاعد نيوزلاند 2003 غير سلعي 15.9
صندوق البرتا هيرتج للادخار كندا 1976 سلعي 15.1
صندوق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي شيلي 2007 النحاس 15.0
مجلس ولاية نيومكسيكو للاستثمار الولايات المتحدة 1958 غير سلعي 14.3
صندوق البرازيل السيادي البرازيل 2008 غير سلعي 11.3
ممتلكات القابضة تيمور الشرقية 2005 نفط وغاز 9.9
صندوق الدولة الاحتياطي العام عمان 1980 نفط وغاز 8.2

Source: Sovereign Wealth Fund Institute, SWF Asset Allocation Report 2012, Las Vegas, 2012, p.11

 

وبحسب صندوق النقد الدولي فقد كانت موجودات الصناديق السيادية تقدر بحوالي 500 مليار دولار عام 1990، وصلت في نهاية عام 2010 الى ما بين 2500-3000 مليار دولار. ومن المتوقع أن تصل الى قرابة 12000 مليار دولار عام 2015([7]). على أنّ هذه الصناديق ستقوم بتوجيه ما بين 20-30% من استثماراتها الى البلدان النامية بحلول التاريخ الاخير، في حين ستستثمر حوالي 45% من هذه الاصول في الاسهم، ومثلها في السندات، أما النسبة المتبقية (10%) فستتجه للاستثمار في الاصول العقارية والسلع([8]).

 

شكل (1): مصادر تمويل الصناديق السيادية 2010 (%)
Surendranath R. Jory, Mark J. Perry and Thomas A. Hemphill, The Role of Sovereign Wealth Funds in Global Financial Intermediation, Thunderbird International Business Review Vol. 52, No. 6 November/December 2010, p. 596

 

ثالثا: الدور التنموي لصناديق الثروة السيادية

هناك الان حوالي 42 صندوقاً سيادياً تملكها بلدان نامية، عشرة منها تقف بين أكبر الصناديق الائتمانية في العالم وتتراوح قيمة أصول كل واحد منها بين 100 و 626 مليار دولار.

عندما ظهرت صناديق الثروة السيادية نظرت البلدان المتقدمة اليها بشيء من عدم الارتياح، فقد وجد منتقدوها أنّها تروج لمفهوم جديد من رأسمالية الدولة وعودة لقوة أصحاب النفوذ([9]) على حساب المبادئ العالمية لحرية السوق. بل إن بعض المنتقدين اعتبروا أنها تهدد الامن القومي ومصالح التنافس الاقتصادي للدول التي تقوم الصناديق بالاستثمار في أصولها([10]). فضلاً عن أنّ ظهورها قد واكب موجة عدم اليقين حول مدى مطابقة عمليات هذه الصناديق وإدارتها لمبادئ الحكم الصالح والشفافية ومدى تأثيراتها القائمة والمحتملة على تطورات السوق والانكشاف الاستراتيجي للاقتصادات الغربية، والتشكيك في الاهداف الكامنة وراء استراتيجيات الاستثمار التي تنتهجها هذه الصناديق وطموحات مالكيها([11]). بل إنّ بعض البلدان مثل استراليا كانت قد فرضت رقابة صارمة على اعمال هذه الصناديق للتأكد من مطابقتها للأهداف التجارية والاستثمارية المعلنة([12]). وفي الولايات المتحدة الامريكية تفرض وزارة الخزانة الالتزامات القانونية المتعلقة بالصناديق السيادية في اطار الاتفاقات التجارية الثنائية التي تربطها مع البلدان المالكة للصناديق، بعيداً حتى عن التزاماتها في اطار منظمة التجارة العالمية([13]). وعلى هذا الاساس رفضت الولايات المتحدة قيام الصين بشراء شركة UNOCAL من أموال الصندوق السيادي الصيني. كما تحركت مجموعة الثمانية منذ تشرين الاول/ أكتوبر 2007 لوضع مدونة سلوك لصناديق الثروة السيادية([14]).

ولعل انعدام اليقين هذا هو ما قاد صندوق النقد الدولي في نيسان / ابريل 2008 الى المساعدة في تشكيل «مجموعة العمل الدولية لصناديق الثروة السيادية» والتي كانت تهدف الى التوصل الى اتفاق على ما يمكن عده مبادئ وممارسات مقبولة عموماً. فضلاً عن أنَّ صندوق النقد عمل على ايجاد معايير خاصة بالمستثمرين، فيما قامت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD بوضع خطوات ارشادية لسياسات الدول المستقبلة للاستثمارات تجاه الصناديق السيادية تستوعب شواغلها الامنية([15]).

بإزاء هذا التشاؤم كان ثلة من المناصرين قد وجدوا أنّ الصناديق السيادية تحمل نتائج محدودة، حيث انصبت أدلتهم على تحقيق نمط من الاستقرار المالي والاقتصادي على المدى الطويل. بيد أن أدلتهم لم تصمد في ظل نتائج الدراسات التجريبية إذ يذهب أنصار هذه الصناديق الى أنّ لها أثاراً ايجابية في تقليص عدم الاستقرار الاقتصادي في البلدان المالكة لها، مع ذلك فإنّ الدراسات التجريبية لم تقدم الدليل على اثارها المالية الايجابية، بل ان بعض الدراسات توصلت «الى أن هذه الصناديق غير مفيدة الى حد كبير كما أنّ المنافع منها يمكن تحقيقها من خلال تحسين السياسة المالية وطريقة أدارتها»([16]). وبالمثل توصلت بعض الدراسات لاستراتيجيات الاستثمار التي تعتمدها تلك الصناديق الى أنّها تتبع اسلوباً عملياً في توجيه استثماراتها بحسب حركة الاسعار المحلية والأجنبية، فتستثمر في الداخل اذا كانت الاسعار في الداخل أعلى، بينما تتجه للاستثمار في الخارج طالما أنّ الاسعار الخارجية أعلى([17]).

إن الاعتماد الكبير على الريع بوصفه المصدر الاكبر لتمويل الصناديق السيادية يستوجب النظر اليها من حيث الزيادة النسبية في حجم الفوائض (الريعية) المتحصلة، ويزداد هذا الارتباط في موارد مزايا انشاء الصناديق ذاتها، وبخاصة من حيث أهميتها في تحقيق:

  • تقليص نسبة المخاطر التي قد تواجه وجود الاحتياطيات الكبيرة مقومة بالعملات الاجنبية في مجالات التجارة والاستثمار
  • تحقيق درجة مقبولة من الاستقرار في صافي تدفقات رؤوس الموال الطويلة الاجل. ويزداد هذا الامر وضوحاً بالنسبة للبلدان الريعية التي تستلزم درجة عالية من الاعتمادية على رؤوس الاموال الاجنبية بالدرجة الاساس في تحقيق تنميتها.
  • محاولة تحقيق الربح وتنمية الفائض من الموارد الريعية.
  • تأمين درجة من الرفاه للأجيال المقبلة على اساس تكافؤ الفرص.

مع ذلك ترى منظمة الاونكتاد أن في حوزة هذه الصناديق إمكانيات هائلة للاستثمار في التنمية، رغم أن الاستثمار الاجنبي المباشر لها ما يزال صغيراً نسبياً. فقد بلغ الاستثمار الاجنبي المباشر المتراكم لصناديق الثروة السيادية حوالي 125 مليار دولار عام 2011، ربعها في البلدان النامية. ويمكن لهذه الصناديق أن تعمل في شراكة مع الحكومات المضيفة لها، ومؤسسات التمويل، أو غيرها من مستثمري القطاع الخاص من أجل الاستثمار في البنى التحتية والزراعة والصناعة([18]). مع ذلك تشير بيانات الاونكتاد نفسها الى زيادة تفضيل صناديق الثروة السيادية للاستثمار في البلدان المتقدمة، اذ تراجعت استثمارات الصناديق النامية في البلدان النامية من حيث الاهمية من حوالي 46% من اجمالي قيمة الاستثمارات عام 2005 الى حوالي 23% عام 2011، رغم أن حجمها قد تضاعف بحوالي 4.7 مرات خلال المدة 2005-2011. (ينظر الشكل 2).

 

شكل (2): توزيع الاستثمارات الاجنبية المباشرة لصناديق الثروة السيادية حسب الوجهة (2005-2011)
الشكل من عمل الباحثين بالاعتماد على:

UNCTAD, UNCTAD World Investment Forum 2012: Sovereign Wealth Fund Round Table, p. 4 (http://unctad-worldinvestmentforum.org/assets/2012-forum-docs/WIF-SWF-Issues-Note-11-Apr.pdf)

 

ويشير الجدول 2 الى توزيع استثمارات الصناديق السيادية في البلدان النامية خلال عام 2011. اذ يكشف أنها لا تفضل القطاعات الانتاجية والبنى التحتية التي يمكن أن تساهم في تعزيز التنمية في البلدان المستقبلة للاستثمارات.

 

جدول (2): توزيع استثمارات بعض الصناديق السيادية في البلدان النامية خلال عام 2011.

اسم الصندوق بلد الصندوق الهدف بلد الاستثمار القيمة

(مليون دولار)

حصص تيماساك سنغافورة بنك الاسكان الصيني المحدود الصين 2788.47
حصص تيماساك سنغافورة Festival Walk  مول/ هونغ كونغ الصين 2412.74
حصص تيماساك سنغافورة بنك الاسكان الصيني المحدود الصين 2184.61
شركة الاستثمار النفطية الدولية ابو ظبي/ الامارات RHB Capital Bhd ماليزيا 1941.86
هيئة قطر للاستثمار قطر QH Indonesia اندونيسيا 1000.00
شركة الاستثمارات الصينية الصين LNG Atlantic liquefaction plant ترينيداد وتوباغو 852.10
حصص تيماساك سنغافورة Chao Tian Men landmark mixed development الصين 671.35
شركة الاستثمار النفطية الدولية ابو ظبي/ الامارات وصال كابيتال المغرب 625.00
هيئة الاستثمار الكويتية الكويت وصال كابيتال المغرب 625.00
هيئة قطر للاستثمار قطر وصال كابيتال المغرب 625.00
هيئة قطر للاستثمار قطر كورنيش النيل مصر 543.80
شركة الاستثمار الحكومية السنغافورية سنغافورة Hero Investments Pvt Ltd الهند 503.50

Javier Santiso (ed.), Sovereign wealth funds 2012, ESADEgeo-Center For Global Economy and Geopolitics, Madrid, 2012, Table 4, p. 22

 

وتشير مراجعة المحفظة الاستثمارية لهذه الصناديق الى تركيزها على الاستثمارات المالية في البورصات العالمية والعقارات التجارية في البلدان المتقدمة، اذ ان 40% من استثماراتها تتركز في السندات ذات العائد الثابت، و 37.5% من استثماراتها في اسهم الشركات، و 11.25% من استثماراتها في العقارات التجارية، ولا تستثمر سوى 5.5% في مشروعات حكومية ومحلية انتاجية([19]). أما من حيث النشاط القطاعي فإنها تستثمر في القطاع المالي أكثر من ثلث اصولها (34.67%)، فيما لا تستثمر في القطاع الصناعي سوى 6% من اجمالي اصولها. (ينظر الشكل 3).

 

 

 

 

 

 

 

شكل (3): التوزيع القطاعي لاستثمارات صناديق الثروة السيادية 2009 (%)
Surendranath R. Jory, Mark J. Perry and Thomas A. Hemphill, The Role of Sovereign Wealth Funds in Global Financial Intermediation, Thunderbird International Business Review Vol. 52, No. 6 November/December 2010, p. 601

 

وقد كشفت الازمة المالية (2008) هشاشة وضع الصناديق السيادية، فقد ساهمت في بداية الازمة في الحفاظ على سيولة السوق المالية الامريكية والأوروبية (خلال المدة أيار/ مايو 2007-بداية 2008) ثم ما لبثت أن اصيبت هي نفسها بالأزمة نتيجة تكبدها خسائر كبيرة نتيجة انخفاض قيمة أصولها المالية، فضلاً عن تراجع مواردها المتأتية أساساً من الصادرات النفطية نتيجة انخفاض اسعار النفط بفعل تداعيات الازمة([20]). فقد خسرت صناديق الصين وسنغافورة وأبو ظبي وقطر حوالي 38.8 مليار دولار منذ بداية الازمة في تموز/ يوليو 2007. فيما خسرت هيأة الاستثمار القطرية 1.74 مليار دولار في صفقة شراء حصة تقدر بحوالي 7.9 % من أسهم بنك باركيلز البريطاني فضلاً عن تلك الخسائر التي منيت بها في بورصة لندن. وتشير دراسة حديثة الى ان جهاز ابو ظبي للاستثمار قد خسر حوالي 40% من اصوله بسبب الازمة، فيما خسرت هيأة الاستثمار الكويتية حوالي 36% من اصولها، والقطرية حوالي 41% والسعودية 12%، فيما خسر صندوق التقاعد النرويجي حوالي 30% من اصوله([21]).

وقد قدرت خسائر صناديق الثروة السيادية بحوالي 500-750 مليار دولار، إذ تقلصت موجوداتها من 3000 مليار دولار الى حوالي 2300-2500 مليار في غضون اثني عشر شهراً([22]).

لكن هذه الازمة اجبرت الصناديق السيادية الى التوجه نحو الاستثمار الداخلي، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 اتجه الصندوق القطري الى استثمار 5.3 مليار دولار في القطاع المالي المحلي من خلال شراء 20% من اسهم البنوك المدرجة في بورصة قطر. وفي أواخر عام 2008 تدخلت هيأة الاستثمار الكويتية بطلب من الحكومة في منع انهيار سوق الاسهم التي هبطت بحوالي 38% من قيمتها. وفي الوقت نفسه ضخ الصندوق السعودي (ساما) حوالي 14.4 مليار ريـال سعودي في القطاع المصرفي المحلي([23]). مع ذلك فان التوجه نحو الداخل ليس إلا استثناءً اذ عادت الصناديق السيادية للتركيز على الاقتصادات المتقدمة في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، ولاحظت دراسة ميركي وآخرين ان تركيز الصناديق على الاقتصادات المحلية قد وصل قمته في الربع الرابع من عام 2008 عندما بلغت الصفقات المحلية التي أجرتها تلك الصناديق الى 69%، انخفضت في الربع الاول من عام 2009 الى 12%، والى صفر في الربع التالي لكنها ارتفعت قليلا في الربع الثالث من عام 2009 لتصل الى 8% فقط([24]).

وتشير بعض الدراسات المتفائلة حول الدور المستقبلي لهذه الصناديق الى أنها يمكن أن تعمل خلال العقد الحالي على زيادة قيمة الثروة العالمية عبر توجيه المدخرات في البلدان ذات الفائض الى استثمارات اكثر انتاجا، وبخاصة في البلدان النامية. كما وتشير تلك الدراسات الة أنه خلال الاجل المتوسط ستكون البلدان النامية أكثر اعتمادا على المدخرات الخارجية والاستثمارات المالية، وباستثناء الصين والبلدان النفطية فإن أغلب البلدان النامية ستكون مستوردة لرؤوس الاموال. ومن جانب العرض، فإن الاجراءات المالية الجاذبة لرؤوس الاموال الى اعادة تسعير كلفة الديون السيادية، فضلاً عن ارتفاع كلفة الائتمان ومحدودية فرص الوصول الى الائتمان نتيجة أثر المزاحمة crowding-out بالنسبة للبلدان النامية، وربما ستجبر بعض تلك البلدان غير القادرة على الحصول على رؤوس الاموال على التقشف المالي. وفي هذا السياق يمكن للصناديق السيادية أن تردم الفجوة بين حاجات نمو الاستثمار وتقليص الاعتماد على الموارد المالية الخارجية([25]). ويشير تقرير التنمية البشرية لعام 2013 الى أنّ «التراكم غير المسبوق بالعملات الاجنبية تترتب عليه كلفة الفرص الضائعة للبلدان التي تملك الاحتياطي والبلدان النامية الاخرى على حد سواء. ويمكن توزيع الموارد بطرق أكثر انتاجية لدعم تقديم السلع العامة، وتوفير رأس المال للمشاريع التي تعزز القدرات الانتاجية والتنمية الاقتصادية والبشرية وترسيخ الاستقرار المالي الاقليمي ودون الاقليمي عبر زيادة مجموعة الموارد المتاحة للمؤسسات الاقليمية»([26]). وهنا تبدو الكلفة الضائعة أكبر بالنسبة للأقطار العربية التي خسرت ما يمكن أن تقوم به الصناديق السيادية من دور تكاملي تنموي، عبر جسر الفجوة بين حاجة بعض الاقطار العربية الى الموارد المالية لدفع عجلة التنمية والاستثمار الاجنبي المنتج من جهة، وبين حاجة بلدان الفائض المالي الى فرص استثمارية منتجة ومربحة.

 

رابعا: النفط في العراق: بين التبديد والاستدامة

يتعايش الاقتصاد العراقي بين مفارقتين هما نتاج الاقتصاد السياسي للحرب والحصار على مدى أكثر من ثلاثة عقود. إذ عززت الاولى ترسيخ نمط تجاري استهلاكي يلبي متطلبات اقتصاد الحرب أو الحصار أو كليهما عبر خلق وسطاء تجاريين اقليميين آلت الى امتصاص فوائض مالية مهمة في تحصيل سلع وخدمات يوفرها المنشأ الوسيط، الامر الذي أوجد مصالح مشتركة وروابط قوية تقود السوق العراقية نحو الاسواق الاقليمية. أما المفارقة الثانية فترتبط بعوائد النفط وارتباطها بسلوك الموازنة العامة التي تحولت الى نمط استهلاكي حربي يختلط فيه الدم بالخبز عبر العقود الماضية الى نمط جديد تتدهور فيه الكفاءة والتنمية الاقتصادية([27]).

إنّ تجارب بلدان نفطية عديدة تشير إلى وجود أطراف ومصالح وقوى مختلفة داخلية وخارجية تسعى للتأثير في قرارات النفط في اتجاهات متباينة ومتضاربة. لذا فان نجاح أي بلد في الاستفادة من ثروته النفطية تعتمد على قابليته لتحديد وتنفيذ خطوط عامة وواضحة لسياسة نفطية يؤمن ويلتـزم بها أكبر عدد من المواطنين والمؤسسات([28]). وفي ظل غياب الديمقراطية وتدني مستويات شفافية الحكومات وبخاصة في ظل النظم الديكتاتورية المتعاقبة فان العراق ابتعد كثيرا عن معايير الرشادة في إدارة شؤون النفط واتجهت السياسة النفطية الى تلبية متطلبات إدامة الحكم.

حقق العراق خلال السنوات الخمس والثلاثين التي سبقت احتلال العراق (1968-2003) عائدات من إنتاج وتصدير النفط بلغت قيمتها 271.11 مليار دولار، لكن ما تم إنفاقه خلال سنوات الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) بلغ 178 مليار دولار طبقاً للبيانات الحكومية أي ما نسبته 65.7% من جميع عائدات النفط التي إستلمها العراق خلال السنوات 1968-2003، وهو مبلغ يفوق إجمالي ديون الدول العربية الـ 13 المدينة عام 1990([29]). إذ بلغ التخصيص رسمياً للجيش والتصنيع العسكري ما نسبته 68% من الموازنة العامة رغم أن البعض يقدر أن التخصيص الحقيقي قد وصل إلى 75% مـن الموازنة([30]). لقد ذهبت أغلب النفقات خلال حقبة الثمانينيات إلى الصناعة العسكرية والتسليح، فقد زاد الإنفاق العسكري خلال هذه الحقبة من 0.7 مليار دولار عام 1970 إلى 19.8 مليار دولار عام 1980 وبنسبة 38.8% من الناتج المحلي الإجمالي والى 24.6 مليار دولار عام 1981 وبنسبة 66% من الناتج المحلي الإجمالي وارتفع الإنفاق العسكري إلى 25.9 مليار دولار عام 1984 وبنسبة 54.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يعني أن الإنفاق العسكري استنزف ما بين نصف إلى ثلثي الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات 1981-1984، وبلغ الإنفاق العسكري للمدة من 1981-1985 نحو 119.9 مليار دولار وعائدات النفط للسنوات نفسها كان مجملها 48.4 مليار دولار([31]). وطبقا لتقديرات الخسائر المترتبة على حربي الخليج الأولى والثانية، فقد قدرت خسائر العراق في حربه مع إيران بحوالي 452.6 مليار دولار، فيما قدرت تكاليف الموجودات المدمرة في حرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت) بما يتجاوز 232 مليار دولار([32]). فيما قدرت تكاليف إعادة إعمار العراق بعد الحرب الأخيرة بحوالي 250 مليار دولار.

وبعد عام 2003 ترافقت المرحلة مع ارتفاع غير مسبوق في اسعار النفط في الاسواق العالمية الامر الذي انعكس ايجابا على عائدات الصادرات النفطية المتحققة التي نمت من حوالي 5.1 مليار دولار عام 2003، الى حوالي 82.9 مليار دولار عام 2011، محققة مبلغ إجمالي يزيد على 348.3 مليار دولار([33]). أي أنها تتفوق بمبلغ 77 مليار دولار عن مجمل ما حققه العراق خلال السنوات الخمس والثلاثين السابقة. لكن السمة المميزة في الحقبتين هي استمرار تبديد موارد النفط والتصرف على أساس أنها موارد غير ناضبة، وأنها من حق الجيل الحاضر فقط وليس للأجيال القادمة حق فيها.

عليه، يقدم العراق تجربة مثيرة لتفسير العلاقة السلبية التي يمكن أن تقوم بين الدولة والمجتمع، حين تمتلك الدولة وتتصرف بجميع مصادر الثروة، وبضمنها أكبر مصدر لإيرادات الاقتصاد، فليس هناك أوضح من تجربة العراق في إظهار المدى المريع الذي يمكن أن تذهب إليه الدولة في سوء استخدام هذه الثروة وتبديدها([34]).

مع ذلك فإنّ السياسة المالية لا تملك سوى رؤية سطحية ازاء الموارد الاخرى الممولة للموازنة العامة. فالإيرادات الضريبية لا تتعدى 1% من اجمالي الايرادات العامة، الامر الذي يعني في مضمونه النهائي أن الرأسمالية المالية العراقية تحصل على وجبات مجانية طالما أنَّ الضرائب سهلة الاستقطاع عند المنبع من حوالي ثلاثة ملايين موظف حكومي([35]). في مقابل ذلك تمنح الرأسمالية العراقية امتيازاً مزدوج المضمون: وهو الاعفاء الممزوج بحرية الانتقال والهجرة الى المستودعات المالية الخارجية بعيداً عن تنمية فرص الاستثمار الوطنية لتنتهي البلاد الى حالة من الاغتراب مع الاستثمار المحلي الحقيقي وسوق العمل العاطلة([36]).

 

خامسا: مقترح انشاء صندوق سيادي للعراق

من المعروف أنّ إيرادات النفط تتصف بالتذبذب وعدم اليقين، بسبب أنها تتأثر بالعوامل الخارجية طالما أنّ مصدرها خارجي، فضلاً عن كونها تأتي من مصدر ناضب وغير مستدام. وكل هذا يؤثر في مسارات الانفاق العام وكيفية تحديده في الأجلين القصير والطويل، مما يؤثر في التنمية والنمو وفي الاستقرار الاقتصادي بشكل عام. وبسبب خاصية النضوب، فإنّه ينبغي تحويل موارد النفط الى أصول منتجة وأكثر استدامة وبما يضمن حق الاجيال القادمة فيها.

وإذ أنّ «صندوق تنمية العراق» يمكن عده صندوق استقرار لمواجهة الحالات الطارئة في الموازنة العامة([37])، فهناك من يقترح إنشاء صندوق العراق السيادي من خلال تطوير «صندوق تنمية العراق» ليستوعب أهداف التنمية والاستقرار والادخار والاستثمار([38]).

لعل أول من طرح هذه الفكرة هو الاقتصادي الامريكي ستيفين كلمونز نائب رئيس مؤسسة امريكا الجديدة للأبحاث في مقال نشر في 9 نيسان (ابريل) 2003 حول فكرة تطبيق تجربة ألاسكا في توزيع عوائد النفط في العراق من خلال العمل على إقامة ما يطلق عليه «صندوق العراقيين» الذي يقوم على تخصيص جزء من عوائد النفط وتوزيعها مباشرة على المواطنين. وقد لاقت هذه الفكره استحسان أوساط أكاديمية غربية إبان الاحتلال الأمريكي للعراق، وترددت فيما بعد لدى أوساط سياسية أمريكية في الولايات المتحدة والعراق. وينص اقتراح كلمونز أن يقام صندوق يخصص له ما يناهز 40% من إجمالي العائدات النفطية، توزع أسهمه على العراقيين. وبافتراض إن الايرادات النفطية السنوية في حينها تصل الى 20 مليار دولار، يمكن ان تستحوذ الحكومة العراقية على 12 مليار دولار تخصص لتنفيذ المشاريع العامة في حين يتم ايداع المتبقي من هذه العوائد والبالغ 8 مليارات في «صندوق العراقيين» الذي يقوم باستثمار أمواله من خلال مجموعة واسعة من الأدوات الاستثمارية المالية العالمية، وتوزيع العوائد التي يدرها هذا الاستثمار على المواطنين بشكل متساو([39]).

ثم دعا سكوت بادري استاذ الاقتصاد في جامعة فيرمونت الامريكية والمسؤول السابق في مجلس الاحتياطي الفدرالي الى الاسراع في تطبيق نموذج ألاسكا في العراق لأنّه يتطابق مع الهدف المعلن للإدارة الامريكية في تطوير الديمقراطية في العراق لكونه سيساعد في توحيد البلاد وفي ردم فجوات التفاوت الاقتصادي، وقد ذكّر الاقتصادي توماس بالي بالسعي لتطوير هذه الفكرة بما يتناسب مع الاوضاع المعيشية والاقتصادية والسياسية السائدة في العراق([40]).

وإزاء ذلك كان توماس بالي قد عبّر عن ضرورة إجراء تعديل هذا الاقتراح، فبدلاً من مراكمة وادخار الايرادات في صندوق توزيع الثروة النفطية يدعو الى إنشاء صندوق وديعة عائدات النفط العراقية، والبدء بشكل مباشر بتوزيع ما يتلقاه من اموال على المواطنين فوراً من خلال تخصيص نسبة تصل الى 25% من العائدات، بدلاً من ادخار قسم من العائدات في صندوق وديعة، وبدلاً من انتظار نمو الصندوق بعد سنوات، ويقترح أيضا إقامة صندوق اخر مماثل يقوم بتخصيص وتوزيع قسم من العوائد النفطية على الإدارات المحلية والإقليمية وفقاً لعدد السكان([41]). ويشير بالي الى ان السبب وراء كون هذه الطريقة في التوزيع اكثر جذرية من التي اقترحها آخرون يكمن في حاجة العراق الماسة الى الاصلاح المالي والاقتصادي الشامل لا يمكن للنماذج التدريجية ان تفي بمتطلبات هذا الاصلاح([42]).

إنّ إقامة صندوق توزيع عائدات النفط يمكن أن يسهم حسب أنصار هذا النموذج في تحقيق مزايا سياسية واقتصادية منها([43]):

  1. زيادة كفاءة صناعة النفط من خلال زيادة الضغط السياسي الذي يولده المواطنون الحاصلين على هذه المدفوعات.
  2. فسح المجال لتطوير أسواق الائتمان وذلك لكون توزيع حصص النفط على المواطنين المؤهلين سيمنحهم دخلاً منتظماً يمكن استخدامه ضمانة للاقتراض، إذ إن الافتقار الى إمكانية الاقتراض يحد من تحقيق فرص الإعمال التجارية والتنموية، وان حصص النفط ستكون بمثابة ضمانة تكفل الحصول على القروض المصرفية وبالتالي تحفز الاعمال المصرفية وترسخ القوانين الحامية للعقود التجارية وحقوق الملكية.
  3. ان اشراك المواطنين بشكل مباشر في الثروة النفطية سيترك اثرا ايجابيا على التوجه السياسي لمختلف الفئات الاجتماعية في العراق ويؤدي الى تخفيف حدة الانقسامات والنزاعات الايدلوجية والطائفية والعرقية التي تميز الوضع الراهن([44]).
  4. يؤدي هذا الصندوق الى تعزيز الشفافية ويعطي رسالة تطمين بمعاملة الفقراء والأغنياء على حد سواء.
  5. يمكن لهذا الصندوق ان يضبط ايرادات الحكومة ومن ثم تخفيف هيمنتها على الاقتصاد، وبالتالي تقويض الفساد، كما يحد من نشاطات البحث عن الريع وكسب الامتيازات في ظل افتقار الحكومة للقدرة على تحديد آلية واضحة المعالم لتوظيف هذه العائدات وإنفاقها بشكل كفوء([45]).

 

ويذهب البعض الى القول إن لهذا الاقتراح أهمية الخاصة بالنسبة للعراق، إذ انه سينقل البلد من مجتمع تشتري فيه الحكومة الولاء بتوزيع المنافع الى مجتمع من حملة الأسهم يمول حكومته (من خلال دفع الضرائب على الدخل والأسهم) ويجعلها مسؤولة أمامه. وبهذه الأسهم يمكن للعراقيين من مختلف الأعراق والمذاهب والأديان أن يتمتعوا جميعاً بحصة متساوية من موارد بلادهم، ويمكن أن تشارك الحكومة المركزية والحكومات المحلية في حصيلة الضرائب المولدة من خلال هذه الترتيبات. وقد يلقى هذا الحل قبول قطاع كبير ممن يعانون من البطالة. وبالتالي فإنّه سوف يوسع من نطاق المشاركة الاقتصادية ويوفر أساساً قوياً للتحول الى الديمقراطية([46]) واقتصاد السوق الحر.

ولكن بالرغم من المزايا والحجج السابقة التي ساقها انصار هذا النموذج إلا إنه يواجه مشكلات حقيقة على صعيد التطبيق العملي، ذلك أنّ هذه الصناديق يمكن ان تولد اثرا يتمثل في الاعتماد على الرفاه الحكومي ويخلق الكسل على النطاق الوطني. والمشكلة الاخرى هي بتوزيع هذه الحصص من العائدات سوف يقلص مقدار الاموال المتاحة للبنى التحتية العامة، والإنفاق على الصحة والتعليم المتعثر منذ زمن طويل وبخاصة بعد عقود من الحروب والعزلة الدولية ولا جدال في اهمية هذه الحاجة. وهنالك حجة اخرى مفادها انّ دفع حصص من النفط للمواطنين سيرسي ثقافة معارضة سياسية للحكومة ومعارضة للخدمات العامة الحكومية،علما ان هذين العنصرين ضروريان لنجاح الاقتصاد، وانّ خطر نشوء مثل هذه الثقافة السياسية حقيقي، لكن المشكلة انّ وجود حكومة غير كفوءة وفاسدة، يستثير بدوره مشاعر العداء للحكومة. وعليه فإنّ انشاء صندوق توزيع قادر على تقليل الفساد وانعدام الكفاءة الحكوميين، قد يفضي في الختام الى تعزيز الدعم للحكومة بدل تقليصه([47]).

ومهما يمكن أن يقال في تأييد او معارضة انشاء الصندوق فإن مثل هذا المشروع يبقى هائلا بشكل لا يتناسب وبساطة فكرته ولا يعود ذلك فقط الى غياب الموارد المالية والبشرية اللازمة للشروع فيه، بل لأنّه يمثل نمطاً جديداً تماماً من ملكية وتوزيع الثروة العامة ليس له سابقة تاريخية. في حين انّ الاثار المترتبة عليه ستساهم في تشكيل الكثير من سمات الاقتصاد والمجتمع في العراق، كما يتطلب هذا المشروع بنية تحتية وفنية وإدارية واسعة ومتطورة، تعتمد على سجلات وإحصاءات دقيقة للسكان وهو ما يفتقر اليه العراق في الوقت الحاضر([48]).

 

شكل (5): إطار مقترح للعلاقة بين الموازنة العامة وصندوق العراق السيادي
المصدر: من اعداد الباحثين

إنّ تأسيس آلية لتوجيه نسبة متناقصة مع الزمن من إجمالي الإيرادات النفطية إلى الموازنة العامة، أما النسبة المتبقية فتخصص لصندوق العراق السيادي الذي سيعيد استثمارها في مشاريع البنى التحتية والاستثمارات الإنتاجية ليلعب دور المستثمر الخارجي وفق اعتبارات الكفاءة بعيداً عن اطر الموازنة العامة غير الكفوءة في استثمار العام.

 

جدول (3): توقعات الايرادات النفطية حسب وكالة الطاقة الدولية (مليار دولار)

السنة العوائد المتوقعة(*) موارد الصندوق (30%) من العوائد المتوقعة (**)
السعر المنخفض

(انتاج منخفض)

السعر العالي

(انتاج مرتفع)

السعر حسب توقعات

انتاج الحكومة العراقية

السعر المنخفض

(انتاج منخفض)

السعر العالي

(انتاج مرتفع)

السعر حسب توقعات

انتاج الحكومة العراقية

2012 79 116 102 23.7 34.8 30.6
2013 89 133 124 50.4 74.7 67.8
2014 102 153 150 57.3 85.8 82.2
2015 119 178 181 66.3 99.3 99.3
2016 130 195 220 74.7 111.9 120.3
2017 143 213 268 81.9 122.4 146.4
2018 156 233 325 89.7 133.8 177.9
2019 170 255 395 97.8 146.4 216
2020 188 281 538 107.4 160.8 279.9

(*) المصدر: الوكالة الامريكية للتنمية الدولية، برنامج تجارة للتنمية الاقتصادية في المحافظات، تقييم الاوليات الاقتصادية الحالية والمتوقعة في العراق، جدول 7، ص 53

(**) حسابات الباحثين

شكل (4): توقعات الايرادات النفطية حسب وكالة الطاقة الدولية (مليار دولار)
الشكل من عمل الباحثين بالاعتماد على:

الوكالة الامريكية للتنمية الدولية، برنامج تجارة للتنمية الاقتصادية في المحافظات، تقييم الاوليات الاقتصادية الحالية والمتوقعة في العراق، جدول 7، ص 53

من الشكل (4) يلاحظ أنّه من المتوقع أن تزداد الايرادات النفطية تدريجياً، وبافتراض اعتماد التقديرات في الجدول (3) الذي يبني موارد الصندوق السيادي للعراق بنسبة 30% في ضوء افتراضات أسعار النفط، فإن تكوين الصندوق السيادي العراقي على وفق هذه النسبة، سيمكن العراق من تحاشي التقلبات العنيفة في أسعار النفط وآثارها على بنود الانفاق الكلي، فضلا عن أن وجوده يشكل أداة للانضباط المالي وتقليل منافذ الفساد المالي. ومن المرجح أن ينتج عن تكوين صندوق العراق السيادي حل الكثير من التلكؤ الذي مصدره الاختلال المالي المؤقت، مما سيسهم في تحسين اوضاع المالية العامة والحد من التقلبات في مؤشرات الاقتصاد الكلي. وكان صندوق النقد الدولي قد توصل الى مثل هذا الأثر في دراسة تجريبية شملت بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا تم التوصل الى ان الصناديق السيادية كانت قد ساهمت في تحقيق الانضباط المالي وتحسين إدارة الإيرادات النفطية([49]). ويمكن تكوين هذا الصندوق من خلال أحد الخيارات الآتية:

يقوم الخيار الأول على أساس افتراض وجود هامش ارتفاع محتمل عن السعر الأكثر تحفظا عن الأسعار الفعلية في فترات معينة واعتبار أن نسبة (30%) هي نسبة قابلة للتغير على ضوء تغيرات السعر نفسه، وهو ما سوف يعني أن الإيرادات الفائضة عما محدد له في اقرار الموازنة في هذه الحالة تمثل ريعاً صريحاً في إنشاء الصندوق.

أما الخيار الثاني فيقوم على أساس تحديد النسبة (30%) بشكل مباشر من الإيرادات النفطية السنوية في تكوين رأس مال الصندوق. وفي ظل هذا الخيار فمن المفترض أن يترك أمر تحديد نسب توظيف أموال هذه الصناديق إلى السلطة التشريعية بعد أن تقدم المقترحات لها من مجلس ادارة الصندوق ووزارات النفط والمالية والتخطيط.

ويتمثل الخيار الثالث بإضافة باب جديد الى الموازنة العامة في جانب الايرادات يمكن تسميته «المخصص السيادي الوطني» تحدد نسبته بحوالي 20% من فائض العمليات في السنة السابقة، و10% من الايرادات المقدرة من عوائد أخرى مثل الخصخصة وعوائد تدفقات رأس المال في الاجل الطويل، تحسب بشكل سنوي تقديري.

 

جدول (4): مقترح لفروع السيادي الصندوق العراقي

فروع الصندوق المقترحة الغاية من الفرع نسبة وحدات الصندوق المقترحة من اجمالي موارد الصندوق (%)
صندوق الاستقرار المالي دعم الموازنة العامة في اوقات انخفاض اسعار النفط 30
صندوق التنمية توفير الدعم المالي لمشروعات القطاع العام ذات الاولوية في الانفاق والتي تتلكأ بسبب نقص السيولة على ان يتم ذلك بضمانات 20
صندوق الاستثمار يستخدم في استثمار الاحتياطيات  الفائضة والتي يمكن استثمارها في اوجه الاستثمار المختلفة بهدف تحقيق الربحية اللازمة لإدامة اموال الصندوق 25
صندوق المستقبل ويهدف الى المحافظة على الثروة النفطية للأجيال القادمة ويهتم بتحويل الأصول غير المتجددة إلى حافظة أصول أكثر تنوعا 15
صندوق الاحتياط يستخدم لأغراض اخرى 10

المصدر: من عمل الباحثين

ويمكن في ظل الافتراض بنمط التوزيع للإيرادات الواردة آنفا أن نفترض وجود نوعين من الاهداف التي يمكن أن يساهم فيها الصندوق في معالجة اشكاليات التنمية في العراق:

  1. 1. المعالجة المباشرة: وتتم عبر التوجه بموارد الصندوق نحو تقليل الآثار المترتبة عن تذبذب أسعار النفط، إذ يتم الاعتماد على فرع الصندوق السيادي الخاص بالاستقرار المالي، وذلك لمواجهة العجز في الموازنات القطاعية والموازنة العامة. بيد أنّ السحب من أموال صندوق الاستقرار المالي (الذي يشكل نسبة 30%) لا تكون إلا وفق عرض وزارة المالية لطبيعة الانحسار المالي الذي قد يواكب مراحل التنمية وفق الخطة السنوية.

كما وتشمل المعالجة المباشرة استثمار موارد الصندوق المقترح بفرعه صندوق الاستثمار في مشروعات تنموية أو ربحية بعيدة عن التأثر بمشاكل الأصول الرديئة التي تتعرض للتراجع في أقيامها الحقيقية. لذا فالمقترح هنا يتضمن النظر إلى الأهداف الإنمائية للموارد المالية للصندوق السيادي المقترح للعراق اعتمادا على  بشكل مستقل عن التأثير السياسي.

إن صندوق الاستثمار يعتمد على متانة العلاقات الاقتصادية التي يقيمها العراق مع بلدان العالم، لذا فمن المرجح أن يتنامى استثمار هذه الاموال في مشروعات مربحة مع الشركاء التجاريين للعراق، وبخاصة من الاقطار العربية التي يرتبط معها باتفاقات تمهد لضمان استثمارته وتحقيق عوائد مقبولة منها. وهذا يتطلب من المعنيين على اقامة الصندوق السيادي إعداد دراسات لتحديد أولويات الاستثمار في ضوء الشركاء الاقتصاديين.

 

  1. 2. المعالجات غير المباشرة وتشمل فرع الصندوق السيادي المقترح الذي عرفناه بـ«صندوق المستقبل». وفي ظل هذا الصندوق يمكن الاستفادة من التمويل المركزي المحلي في تفعيل المشاريع ذات الجدوى والمردود السريع. والاهتمام بمسألة القطاعات البديلة للنفط، كما يمكن انشاء الفراغات الضريبية والإعفاءات الضريبية وغيرها من الحوافز، التي تشكل إضافة مؤكدة إلى الناتج المحلي الإجمالي. كما يتم التركيز على مشروعات البنية الاساسية للقطاعات البديلة.

إن تأسيس صندوق المستقبل يعتمد على إعداد دراسة معمقة تهتم بالجوانب الاتية:

  • محاولة دراسة العوائد المتوقعة في المستقبل من القطاعات المعنية بالتمويل من صندوق المستقبل ومقارنتها بالموارد المطلوبة له.
  • أن يصار الى رصد تخصيصات مالية على وفق الدراسة في اعلاه باعتماد طريقة الاعتماد البديل التدريجي على القطاعات الواعدة. مثل القطاع السياحي والصناعي بوصفهما القطاعات البديلة في المستقبل.
  • التنسيق النقدي: وهو عمل يقع في مجال دراسة أثار استثمارات الصندوق في سعر الصرف والصدمات النقدية الممثلة بالصدمات المرجح انتقالها الى القطاع الحقيقي.

التنسيق المالي: وتجاوز خط التصادم الإنمائي ضمن أموال الصندوق التي يخصصها صندوق الاستقرار المالي، إذ يفترض أن يدعم الصندوق الموازنة العامة للاقتصاد، إلا أنّ هذا الدعم ينبغي أن يقيد بمجموعة من الاعتبارات في مقدمتها مدى الفاعلية الاقتصادية في المشروعات البديلة، والمؤمل اعتمادها بوصفها بدائل يمكن معها تحقيق درجة مقبولة من تنويع الاقتصاد. لأنّ وجود الصندوق في ظل تزايد الاعتماد على النفط يقلل من قدرته على تحقيق مستوى التنمية المرغوبة بوصفها هدفاً نهائياً للتنسيق المالي.

 

سادسا: الخاتمة

إنّ فكرة إنشاء صندوق سيادي في العراق ترتبط بمسألة التصرف بالموارد وتصحيح انحرافات الإنفاق العام بالدرجة الأساس، ومن ثم فإن الصندوق السيادي العراقي سيكون الأداة الأكثر فاعلية في تحقيق معادلة المنافع/ العدالة التوزيعية في بنود الانفاق العام في الاجل الطويل. إلا أن فكرته في مضمونها تتطلب دراسات حول السياسة التصحيحية للمالية العامة وخاصة في بنود الانفاق التي سيتم تمويلها من موارد الصندوق.

قد تصدم فكرة أنشاء صندوق سيادي للعراق مع استراتيجية التحول من التخطيط الى اقتصاد السوق، ورغم أن العديد من البلدان الرأسمالية تمتلك صناديقا سيادية، إلا أنّ ارتباطها بوجود النفط يجعل منها عرضة للارتهان بالمورد الريعي الخارجي، واصطدامه بالميول الكامنة لدى الحكومة للاحتفاظ بامتياز ادارة الريع النفطي وعدم تقبل فكرة التنازل عن هذا الامتياز. وفي ظل التصور السابق حول آليات الصندوق السيادي العراقي فمن الواجب تحقيق شرطين أساسيين هما:

  • تأسيس هيئة مستشارين للصندوق السيادي، تقع على عاتقها مسؤولية التخطيط الاستراتيجي لتحقيق الموائمة بين أهداف العدالة والتحول نحو اقتصاد السوق. ومن المرجح أن تتم الإستفادة من أموال الصندوق السيادي في إعادة التوزيع الثروة بما يحقق مستوى مقبول من العدالة التوزيعية بين الاجيال بدلاً من العدالة الآنية التي يعتمدها منطق الموازنة العامة للدولة.
  • أن يتمتع الصندوق السيادي باستقلالية بما يبعده عن تأثير ما يسمى بـ «التدجين المالي»([50]) للنخب المتنفذة. بيد أنّ استقلاله لا يلغي ضرورة التنسيق مع السلطتين النقدية والمالية في تحديد اتجاهات الاقتصاد، بحيث لا تتعارض استثماراته مع أهداف لنمو الاقتصادي.

 

 

 

الهوامش والمصادر

([1]) نبيل بوفليح، دور صناديق الثروة السيادية في معالجة الازمة المالية والاقتصادية العالمية، بحوث اقتصادية عربية، العددان 48-49، خريف 2009-شتاء 2010، ص99

([2]) Department of the Treasury , Report to Congress on International Economic and Exchange Rate Policies, December 2007,Avilabal at: http://www.treas.gov/offices/international-affairs/

economic-exchange-rates/.

([3]) اودايبر داس وعدنان مزارعي وهان فان در هورن، اقتصاديات صناديق الثروة السيادية: قضايا لصناع السياسات، صندوق النقد الدولي، واشنطن العاصمة، 2010، ص 60

([4]) نبيل بوفليح، مصدر سبق ذكره، ص 99-100

([5]) اودايبر داس وعدنان مزارعي وهان فان در هورن، مصدر سبق ذكره، ص60

([6]) Erling Steigum, Sovereign Wealth Funds For Macroeconomic Purposes, Centre for Monetary Economics, BI Norwegian Business School, Working Paper Series 4/12, December 2012, p. 3

([7]) ريمبي بيرلمان، الصناديق السيدية أجهزة استشارية جديدة نافذة، سلسلة أوضاع العالم 2009، تحرير: براتران بادي وساندرين تولوتي، مؤسسة الفكر العربي، بيروت، 2009، ص 106

([8]) Stefano Curto, Sovereign Wealth Funds in the Next Decade, in: The Day after Tomorrow, Economic Premise , world Bank, 2010, p.240

([9]) Rolando Avendaño and Javier Santiso, Are Sovereign Wealth Funds’ Investments Politically Biased? A Comparison With Mutual Funds, Working Paper No. 283, OECD Development Centre , PARIS, 2009, p. 8

([10]) سفين برينت، أين صناديق الثروة السيادية من مبادئ سانتياغو؟، مركز كارنيغي للشرق الاوسط، واشنطن، سلسلة أوراق كارنيغي، العدد 22، أيار/ مايو 2010، ص3-4

([11]) سفين برينت، حين يتكلم المال: صناديق الثروة السيادية العربية في خطاب العولمة، مركز كارنيغي للشرق الاوسط، واشنطن، سلسلة أوراق كارنيغي، العدد 12، تشرين الاول/ أكتوبر 2008، ص 5

([12]) Larry Catá Backer, Sovereign Investing in Times of Crisis: Global Regulation of Sovereign Wealth Funds, State-Owned Enterprises, and the Chinese Experience, Transnational Law & Contemporary Problems, Vol. 19, No. 1, 2009; Penn State Legal Studies Research Paper No. 12-2009, p. 80.

([13]) Ibid, p. 91

([14]) ريمبي بيرلمان، الصناديق السيادية أجهزة استشارية جديدة نافذة، سلسلة أوضاع العالم 2009، تحرير: براتران بادي وساندرين تولوتي، مؤسسة الفكر العربي، بيروت، 2009، ص 194-195

([15]) سفين برينت، حين يتكلم المال: صناديق الثروة السيادية العربية في خطاب العولمة، مصدر سبق ذكره، ص 20

([16]) حاتم مهران، التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي ودور صناديق النفط في الاستقرار الاقتصادي، المعهد العربي للتخطيط، الكويت، ص24

([17]) Shai Bernstein, Josh Lerner & Antoinette Schoar, The Investment Strategies of Sovereign Wealth Funds, Harvard Business School, Working Paper 09-112, 2009, p. 28

([18]) مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية- الأونكتاد، تقرير الاستثمار العالمي 2012: عرض عام، الامم المتحدة، نيويورك وجنيف، 2012، ص 8-9

([19]) Surendranath R. Jory, Mark J. Perry and Thomas A. Hemphill, The Role of Sovereign Wealth Funds in Global Financial Intermediation, Thunderbird International Business Review Vol. 52, No. 6 November/December 2010, p. 599

([20]) نبيل بوفليح، مصدر سبق ذكره، ص102

([21]) Brad Setser and Rachel Ziembra, ―GCC Sovereign Funds: Reversal of Fortune, Council on Foreign Relations, Working Paper, 2009, http://www.cfr.org/content/publications/attachments/CGS_WorkingPaper_5.pdf.

([22]) نبيل بوفليح، مصدر سبق ذكره، ص103

([23]) Lauder Sovereign Wealth Fund report 2010, p.50

([24]) William Miracky, Victoria Barbary, Veljko Fotak and Bernardo Bortoltti, Sovereign Wealth Fund,: Investment Behavior, Monitor Group, 2009, p. 16

([25]) Stefano Curto, op. cit., p. 242

([26]) برنامج الامم المتحدة الانمائي، تقرير التنمية البشرية لعام 2013، ص 61

([27]) مظهر محمد صالح، الاقتصاد الريعي المركزي ومأزق إنفلات السوق، بيت الحكمة، بغداد، 2013، ص31

([28]) فاروق القاسم، النموذج النرويجي: إدارة المصادر البترولية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2010، ص184

([29]) بلغت ديون تلك الديون 148.5 مليار دولار وتلك الدول هي: الأردن، تونس، الجزائر، جيبوتي، السودان، سوريا، الصومال، عمان، لبنان ، مصر، المغرب، موريتانيا واليمن.

World Bank, Global Development Finance, Country Tables, 1999, Washington D.C., 1999

([30]) عباس النصراوي، الاقتصاد العراقي: النفط – التنمية – الحروب – التدمير – الآفاق (1950-2010)، ترجمة: سعيد عبد العزيز، دار الكنوز الأدبية، بيروت، 2003، ص219

([31]) اونر اوزلو، تنمية وإعادة بناء الاقتصاد العراقي، مركز العراق للأبحاث، بغداد، 2006، ص 36

([32]) عباس النصراوي، مصدر سبق ذكره، ص 134 و ص 160

([33])  The Brookings Institution, Iraq Index: Tracking Variables Of Reconstruction & Security In Post- Saddam Iraq, July,2012, P. 9 (http://www.brookings.edu/iraqindex)

([34]) مجيد الهيتي، ثروة العراق النفطية من اداة للديكتاتورية الى قاعدة محتملة للديمقراطية، في: النفط والاستبداد: الاقتصاد السياسي للدولة الريعية، معهد الدراسات الاستراتيجية، بغداد، 2007، ص 320-321

([35]) مظهر محمد صالح، مصدر سبق ذكره، ص22

وقد قمنا بتعديل الرقم الخاص بعدد موظفي الدولة الذي ورد في المصدر اربعة ملايين موظف.

([36]) المصدر السابق نفسه، ص23-24

([37]) المصدر السابق نفسه، ص 7

([38]) حسن لطيف الزبيدي، الديمقراطية والنفط والتنمية: قراءة في إشكاليات بناء الدولة في العراق، وقائع مؤتمر بيت الحكمة، بناء الدولة بناء العراق، (بغداد: بيت الحكمة) كانون الثاني (يناير) 2012، ص 60

([39]) مجيد الهيتي، مصدر سبق ذكره، ص 338.

([40]) المصدر السابق نفسه، ص 337.

([41]) توماس أ. بالي، مكافحة لعنة الموارد الطبيعية: صناديق توزيع العائدات على المواطنين: نموذج مشكلة النفط في العراق، في: النفط والاستبداد الاقتصاد السياسي للدولة الريعية، مصدر سبق ذكره، ص 282.

([42]) مجيد الهيتي، مصدر سبق ذكره، ص 337.

([43]) توماس أ. بالي، مصدر سبق ذكره، ص 291-293.

([44]) مجيد الهيتي، مصدر سبق ذكره، ص 232

([45]) توماس أ. بالي، مصدر سبق ذكره، ص،293.

([46]) فالح عبد الجبار، عراق ما بعد الحرب: سباق من اجل الاستقرار وإعادة البناء والشرعية، معهد السلام الأمريكي، تقرير خاص رقم 120، أيار2004، ص 12؛ واحمد جاسم جبار الياسري، النفط ومستقبل التنمية في العراق، العارف للمطبوعات، بيروت، 2010، ص 187.

([47]) توماس آ. بالي، مصدر سبق ذكره، ص 298.

([48]) مجيد الهيتي، مصدر سبق ذكره، ص 348.

([49]) ماجد عبد الله المنيف، صناديق الثروة السيادية ودورها في إدارة الفوائض النفطية، مجلة بحوث اقتصادية عربية، العدد (47)، 2009، ص 58

([50]) فكرة التدجين المالي مستوحاة من:

  1. Dunning, Crude Democracy: Natural Resource Wealth & Political Regimes, Cambridge University Press, Cambridge, 2008. P 12-13
التصنيفات : البحوث والدراسات
استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والاعلان