السياسات المالية: مدخل حديث

السياسات المالية: مدخل حديث، دار الكتاب الجامعي، العين، 2020
المقدمة
اهتم الاقتصاديون والمتخصصون بالمالية العامة Public Finance بتحليل التأثير المتبادل للإنفاق الحكومي والسياسة الضريبية في النشاط الاقتصادي، وركزوا على الكيفية الـتي تؤدي بها السياسة المالية وظائفها في المجال الاقتصادي متأثرين بالأيدولوجيا الـتي يعتنقونها حول العلاقة بين الأفراد والمؤسسات من جهة والدولة ومؤسسات الحكم من جهة أخرى.
وتقدم النظرية الاقتصادية نقطة الشروع بتحليل تأثير السياسات العامة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها لأنَّها تقدم طريقة التفكير المنطقية حول العوامل الـتي تؤثر بقوة في سلوك المعنيين بتلك السياسات. مع ذلك ما تزال مسائل المالية العامة وقضاياها شديدة التعقيد وتتطلب خبرة واسعة لرصد آثار الإنفاق العام والضرائب في الاقتصاد. فقد أدى نمو دور الدولة واتساع مجالاته إلى تزايد تأثير النشاط المالي لها (النفقات والإيرادات العامة) في المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية. وأصبحت الموازنة العامة تمثل أداة رئيسة لتوجيه تلك المتغيرات نحو ضمان تحقيق أهداف السياسات العامة.
تُعد السياسة المالية Fiscal Policy من أدوات التأثير الرئيسة في النشاط الاقتصادي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. فهي عبارة عن دراسة النشاط المالي للدولة وتحليله، وفحص آثاره في مختلف قطاعات الاقتصاد القومي. فالسياسة المالية تتضمن تكييفاً كمياً ونوعياً لحجم النفقات العامة والإيرادات العامة من أجل الحفاظ على وظائفهما وتحقيق أهداف الاستقرار والتخصيص الأمثل للموارد والنمو الاقتصادي.
لقد شهد القرن العشرين تطوير أسس المالية العامة، وتقنيات تدخل الدولة التي وجدت سنداً فكرياً قوياً لها في الفكر الاشتراكي في البلدان التي اعتنقت الايديولوجيا الشيوعية، وفي الفكر الليبرالي في البلدان الرأسمالية. وتطورت خلاله التحليلات الضرورية لفهم العلاقة بين الاقتصاد العام والاقتصاد الخاص.
إلا أنَّ ما يؤخذ على الأدب المالي المكتوب باللغة العربية هو أنه ينتمي إلى ما يمكن حصره بالمالية العامة والتشريع المالي، والذي تأثر إلى حد كبير بالمدرسة الفرنسية، فلم تقدم أدبيات المالية العامة سوى النزر القليل من التحليلات الاقتصادية للظواهر المالية، وأقل من ذلك فيما يتصل بالسياسة المالية، وهو أمر يسهل ملاحظته في كتب المالية العامة التي تلتزم بتقسيم أبوابها أو فصولها لتحلل النفقات والإيرادات والموازنة، وهو أمر لم نعد نراه في أدبيات المالية العامة المكتوبة باللغة الانجليزية، لذا تتباين الموضوعات التي يتناولها الفريقان تبايناً كبيراً، تنوعاً وثراءً، الأمر الذي أصبح يؤثر سلباً في تدريس المالية العامة والسياسة المالية.
يسعى هذا الكتاب إلى تقديم فهم مناسب للاقتصاد العام وآليات عمل السياسة المالية في البلدان المتقدمة والنامية من خلال تحليلها وفهم أسسها ومتبنياتها وعناصر تقويمها وفهم آثارها المباشرة وغير المباشرة، وعلاقتها بالسياسات الاقتصادية الأخرى ولاسيما السياسة النقدية.
إنَّ هذا الكتاب بفصوله الإحدى عشر يقدم مادة نظرية تحليلية لفهم العلاقة بين السياسة المالية والاقتصاد، إذ يسعى الفصل الأول إلى التعريف بمفهوم السياسة المالية ومضمونها وأدواتها وتطورها في الفكر الاقتصادي للمدارس الفكرية المختلفة، وتحليل وظائفها التخصيصية والتوزيعية والاستقرارية والإنمائية.
أما الفصل الثاني فينصرف إلى تحليل نظرية الإنفاق العام، فيبدأ بتحليل علاقة التأثير المتبادل بين القطاعين العام والخاص، ثم تحليل محددات الإنفاق العام وأسباب نموه عبر التاريخ الاقتصادي.
ويتجه الفصل الثالث إلى تحليل مفهومي فشل السوق وفشل الحكومة بوصفهما أداتين تحليليتين مفيدتين في فهم مبررات السلوك المالي المتوسع للحكومة.
ويتناول الفصل الرابع تحليل السياسة المالية في الاقتصاد في ظل وجود التجارة الخارجية وغيابها، لفهم الاختلاف في فاعلية أدواتها في ظل هذين الوضعين الاقتصاديين.
ويركز الفصل الخامس على السياسة المالية والدورة الاقتصادية ودورها في تحفيزه وعلاج الكساد ومكافحة التضخم، وينتهي إلى تحليل عجز الموازنة بوصفه أداة مهمة من أدوات السياسة الاقتصادية في مواجهة الدورة الاقتصادية.
اتجه الفصل السادس إلى تحليل فاعلية السياسة المالية ومقارنتها ومنمع السياسة النقدية، ومن ثم التعرف على المزيج الأمثل منهما لتحقيق أهداف الاستقرار والنمو وضمان التخصيص الأمثل للموارد وتحقيق العدالة في توزيع الدخل والثروة، فضلا عن تحليل الآثار النقدية لأساليب تمويل الموازنة.
واختص الفصل السابع بتحليل السياسة الضريبية من خلال تحديد مفهومها وقواعدها، وتحليل بعض المفاهيم ذات الصلة ومنها التهرب الضريبي والعبء الضريبي.
وبالنظر لأهمية التحويلات الاجتماعية وعلاقتها بالسياسة المالية فقد رصد الفصل الثامن هذا المفهوم بالارتباط بهذه السياسة، وتحليل مفهوم دولة الرفاهية وتحليل عناصر نظام الضمان الاجتماعي وعلاقته بأدوات السياسة المالية.
وتناول الفصل العاشر مفهوم الصدمات المالية وأنواعها وطرق قياسها، وأشهر الانموذجات التي حاول واضعوها قياس تلك الصدمات.
إنَّ إصلاح الموازنة العامة يُعد من الأركان الأساسية في التوجهات المالية المعاصرة لذا يعرض الفصل الحادي عشر لهذه التوجهات وبخاصة موازنات الأداء والبرامج والموازنات الصفرية والموازنات المستجيبة للنوع الاجتماعي.
وختاما، فإننا نأمل ان يقدم هذا الكتاب ما يسهم في فهم القارئ الكريم، ولاسيما الدارسين للسياسات الاقتصادية للسياسة المالية وعناصرها وأدواتها.
ومن الله التوفيق
المؤلفون
السياسات المالية : مدخل حديث
أ.د. كامل علاوي الفتلاوي
أ.د. عبد الحسين جليل الغالبي
أ.د. حسن لطيف الزبيدي
2020
المحتويات
الموضوع | الصفحة |
المقدمة | |
الفصل (1): مفهوم السياسة المالية | |
1-1: تعريف السياسة المالية | |
1-2: أهداف السياسة المالية | |
1-3: أدوات السياسة المالية | |
1-3-1: الإنفاق العام | |
1-3-1-1: أركان النفقة العامة | |
1-3-1-2: تصنيف الإنفاق العام | |
1-3-1-3: مبادئ تقويم الإنفاق | |
1-3-2: الضرائب | |
1-3-2-1: الآثار الاقتصادية والاجتماعية للضرائب | |
1-3-3: الموازنة العامة | |
1-4: تطور مفهوم السياسة المالية | |
1-4-1: الكلاسيك: حيادية السياسة المالية | |
1-4-2: الكينزية: السياسة التدخلية | |
1-4-3: المدرسة النقودية | |
1-4-4: اقتصاديات جانب العرض | |
1-4-5: مدرسة التوقعات العقلانية | |
1-4-6: المدرسة المؤسسية | |
1-4-7: مدرسة الاختيار العام | |
1-5: الدور المعياري والوضعي للسياسة المالية | |
1-6: وظائف السياسة المالية | |
1-6-1: وظيفة التخصيص | |
1-6-2: وظيفة التوزيع | |
1-6-3: وظيفة الاستقرار | |
1-6-4: وظيفة النمو | |
الفصل (2): الإنفاق العام: المحددات وأسباب النمو | |
2-1: التأثير المتبادل بين القطاعين العام والخاص | |
2-2: محددات الإنفاق العام | |
2-2-1: طبيعة دور الدولة | |
2-2-2: المقدرة المالية القومية | |
2-2-3: مستوى النشاط الاقتصادي | |
2-3: أسباب نمو الإنفاق العام | |
2-3-1: فرضية فاغنر | |
2-3-3: فرضية بيكوك- وايزمان | |
2-3-3: فرضيات أخرى | |
2-4: العوامل الدافعة لزيادة الإنفاق العام | |
2-4-1: النمو السكاني وتزايد التحضر | |
2-4-2: توسع الدولة ونمو مؤسساتها | |
2-4-3: زيادة الإنفاق الدفاعي | |
2-4-4: الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي | |
2-4-5: النمو الاقتصادي والتنمية | |
2-4-6: تصاعد تكاليف خدمة الدين العام لدى أغلب الدول | |
2-4-7: توسع برامج الرفاهية الاجتماعية في البلدان الغنية وبرامج مكافحة الفقر في البلدان الفقيرة | |
2-4-8: تدهور قيمة النقود | |
2-5: قواعد الانفاق العام | |
2-5-1: خصائص قواعد الانفاق | |
2-5-2: شروط عمل قواعد الانفاق | |
2-5-3: مبررات قواعد الانفاق العام | |
2-5-4: تجارب دولية لقواعد الانفاق العام | |
الفصل (3): فشل السوق وفشل الحكومة | |
3-1: مفهوم فشل السوق | |
3-1-1: أسباب فشل السوق | |
3-1-1-1: السلع العامة | |
3-1-1-3: عدم العدالة التوزيعية | |
3-1-1-4: القوة الاحتكارية | |
3-1-1-5: المعلومات غير التامة | |
3-2: الفشل غيـر السوقي | |
3-3: البلدان النامية وفشل السوق | |
3-3-1: سعر العمل | |
3-3-2: الخارجيات | |
3-3-3: نقص المعلومات | |
الفصل (4): السياسة المالية في حالتي الاقتصاد المغلق والمفتوح | |
4-1: السياسة المالية في اقتصاد مغلق | |
4-1-1: تأثير المشتريات الحكومية | |
4-1-2: أثر الضرائب في الطلب الكلي | |
4-1-3: مضاعف الميزانية المتوازنة | |
4-1-4: أثر الضرائب كدالة في الدخل: | |
4-2: السياسة المالية في اقتصاد مفتوح | |
4-2-1: محددات صافي التجارة | |
4-2-2: تأثير التجارة في الناتج المحلي الإجمالي | |
4-2-3: الميل الحدي للاستيراد وخط الإنفاق | |
4-2-4: مضاعف الاقتصاد المفتوح | |
الفصل (5): السياسة المالية والدورة الاقتصادية ( | |
5-1: مفهوم الدورة الاقتصادية | |
5-2: السياسة المالية وتحفيز الطلب لعلاج الكساد | |
5-3: السياسة المالية وعلاج الكساد | |
5-3: السياسة المالية وخفض الضرائب | |
5-5: السياسة المالية ومعالجة التضخم | |
5-7: السياسة المالية والتضخم الركودي | |
5-8: السياسة المالية وعجز الموازنة | |
5-8-1: مفهوم عجز الموازنة | |
5-8-2: المفاهيم المختلفة لعجز الموازنة | |
5-8-3: نظرية العجز المنظم للموازنة العامة | |
5-8-4: عجز الموازنة بوصفه أداة للسياسة الاقتصادية | |
5-9: تأثير أشكال تمويل الإنفاق العام | |
5-10: عجز الموازنة والدين العام | |
5-11: عوامل الاستقرار الذاتية | |
5-11-1: تعويضات البطالة | |
5-11-2: الضرائب على أرباح الشركات | |
5-11-3: ضرائب الدخل التصاعدية | |
الفصل (6): فعالية السياسة المالية | |
6-1: مشكلات السياسة المالية | |
6-1-1: مشكلة التوقيت | |
6-1-2: أدوات السياسة | |
6-1-3: النظرية الاقتصادية المناسبة | |
6-2: مقارنة فعالية السياستين المالية والنقدية | |
6-2-1: تفاعل السياستين | |
6-2-2: عدم فاعلية السياسة | |
6-3-1: المزيج الأمثل للسياسة | |
6-4: الآثار النقدية للسياسة المالية | |
6-4-1: الآثار النقدية لعجز الموازنة | |
6-4-2: الآثار النقدية لأساليب تمويل الموازنة | |
1. الآثار النقدية للتمويل بالضرائب | |
2. تمويل العجز بالاقتراض | |
6-5: السياسة المالية وأسعار الصرف | |
6-5-1: السياسة المالية في ظل أسعار الصرف الثابتة | |
6-5-1: السياسة المالية في ظل أسعار الصرف المرنة | |
الفصل (7): السياسة الضريبية | |
7-1: تطور السياسة الضريبية | |
7-2: تعريف السياسة الضريبية | |
7-3: قواعد فرض الضريبة | |
7-3-1: القواعد الكلاسيكية | |
7-3-1-1: قاعدة المساواة والعدالة | |
7-3-1-2: قاعدة الملاءمة أو المناسبة | |
7-3-1-3: قاعدة التحديد أو اليقين | |
7-3-1-4: قاعدة خفض نفقات الجباية | |
7-3-2: القواعد الحديثة | |
7-3-2-1: القواعد الاقتصادية | |
7-3-2-2: القواعد الاجتماعية | |
7-3-2-3: القواعد القانونية | |
7-4: الطاقة الضريبية | |
7-5: التهرب الضريبي | |
7-6: العبء الضريبي | |
7-7: نقل العبء الضريبي في الواقع العملي | |
7-8: السياسة الضريبية في النظم الفيدرالية | |
الفصل (8): السياسة المالية والتحويلات الاجتماعية | |
8-1: تطور دولة الرفاهية | |
8-2: نظم الضمان الاجتماعي | |
8-3: نظام البطالة | |
8-4: نظام التقاعد | |
8-5: أنظمة رعاية الشيخوخة | |
8-6: نظم الرعاية الصحية | |
8-7: السياسة المالية ونظم الضمان الاجتماعي | |
الفصل (9): السياسة المالية والتنمية الاقتصادية () | |
9-1: تعبئة الموارد المالية | |
9-2: السياسة المالية ودعم الاستثمار | |
9-3: النظام الضريبي في البلدان النامية | |
9-4: الإصلاح الضريبي | |
9-4-1: ضرائب الدخل والممتلكات | |
9-4-2: الضرائب على دخل الشركات | |
9-4-3: الضرائب غيـر المباشرة | |
9-4-4: مشاكل إدارة الضرائب | |
9-5: الإدارة العامة | |
9-6: المشروعات العامة | |
9-7: الإنفاق العسكري والتنمية | |
الفصل (10): الصدمات المالية: القياس والآثار | |
10 -1: تعريف الصدمة | |
10–2: مفهوم صدمات السياسة المالية | |
10 – 2- 1: صدمة النفقات العامة | |
10 – 2- 2: صدمة الإيرادات العامة | |
10- 2- 3: الصدمة التوسعية والانكماشية في السياسة المالية: | |
10- 2- 4: الصدمات المالية والنقدية | |
10 – 3: أنواع صدمات السياسة المالية | |
10- 3- 1: صدمات النفقات العامة | |
10- 3- 2: صدمات الإيرادات العامة | |
10– 4: قياس صدمات السياسة المالية | |
10– 5: أنموذجات تطبيقية لقياس الصدمات المالية | |
10- 5- 1: أنموذج Ramy & Shapiro | |
10- 5- 2: أنموذجBlanchard & Perotti | |
10 – 5- 3: أنموذج Mountford & Uhlig | |
10- 5- 4: أنموذج Pereira | |
10- 5- 5: أنموذج Edelberg وآخرون | |
10– 6: آثار الصدمات المالية على المتغيرات الكلية | |
10- 6- 1: آثار الصدمات المالية على الناتج والاستثمار | |
10- 6- 2: آثار الصدمات المالية على الأسعار وأسعار الفائدة والصرف الأجنبي | |
10- 6- 3: آثار الصدمات المالية على الاستهلاك الخاص والادخار | |
10- 6- 5: آثار الصدمات المالية على القطاع الخارجي | |
10- 6- 6: آثار الصدمات المالية على السياسة النقدية | |
الفصل (11): التوجهات الحديثة في إصلاح الموازنة العامة | |
11-1: موازنات البرامج والأداء | |
11-2: الموازنة الصفرية | |
11-3: الموازنات المستجيبة للنوع الاجتماعي | |
11-3-1: في مفهوم النوع الاجتماعي | |
11-3-2: مفهوم موازنة النوع الاجتماعي |